أصبحت البصمة الكربونية واحدة من أكثر القضايا التي يجري تداولها عالميًا نظرًا لارتباطها المباشر بالتغير المناخي والاحتباس الحراري. ومع ازدياد الوعي البيئي خلال العقود الأخيرة، بدأ الأفراد والمؤسسات والحكومات يدركون أهمية قياس الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية؛ وذلك لأن ارتفاع هذه الانبعاثات أدى تدريجيًا إلى تغيرات مناخية واسعة أثرت على الحياة البشرية، والنظم البيئية، والاقتصادات العالمية.
وبالرغم من أن المشكلة أصبحت واضحة للجميع، إلا أن حلّها يتطلب نهجًا منهجيًا ومنظّمًا. ولذلك ظهرت معايير دولية مثل تلك التي تقدمها منظمة ISO والتي تمنح إطارًا موحدًا لإدارة الانبعاثات وتقليل آثارها. علاوة على ذلك، أصبح المحتوى المرتبط بالبيئة والاستدامة من أكثر أنواع المحتوى التي تحتاج إلى ضبط دقيق لتهيئتها لمحركات البحث، وهو ما يساعد فيه برنامج مثل Yoast SEO لضمان وصول الرسالة البيئية إلى جمهور أكبر.

ومن خلال هذا المقال، سنستعرض بعمق مفهوم البصمة الكربونية، وأضرارها، وأسباب تفاقمها في العالم الحديث، ثم سنتناول أهم استراتيجيات الحد منها سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. وبعد ذلك، سنوضح أهمية شهادة الأيزو الخاصة بقياس البصمة الكربونية، وفوائد الحصول عليها، وخطوات التطبيق، ثم نختم بدعوة عملية تساعد المؤسسات على البدء في رحلتها نحو الاستدامة من خلال Reins.

أولًا: ما هي البصمة الكربونية؟

تعبر البصمة الكربونية عن إجمالي كمية غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن نشاط محدد سواء كان فردًا أو مؤسسة أو منتجًا أو دولة. وتشمل الغازات المسببة للاحتباس الحراري:

• ثاني أكسيد الكربون (CO₂)

• الميثان (CH₄)

• أكسيد النيتروز (N₂O)

• الغازات الصناعية المختلفة

ويتم التعبير عنها غالبًا بوحدة “طن ثاني أكسيد الكربون المكافئ”، وهي وحدة قياس تُمكّن الجهات من مقارنة تأثير كل غاز على المناخ.
ومن المهم الإشارة إلى أن البصمة الكربونية لا ترتبط فقط بالأنشطة الصناعية، بل تشمل جميع تفاصيل الحياة اليومية، مما يجعلها قضية شاملة تتطلب تعاملًا متكاملًا.

أنواع البصمة الكربونية

تتمثل في ثلاثة نطاقات رئيسية:

1. النطاق الأول (الانبعاثات المباشرة)

وهي الانبعاثات الناتجة عن عمليات تملكها أو تديرها المؤسسة، مثل تشغيل المركبات أو تشغيل الآلات.

2. النطاق الثاني (انبعاثات الطاقة)

وهي الانبعاثات الناتجة عن الكهرباء أو التدفئة أو التبريد التي تستهلكها المؤسسة.

3. النطاق الثالث (الانبعاثات غير المباشرة)

وتشمل الانبعاثات الممتدة عبر سلسلة التوريد، والنقل، والتوزيع، واستخدام المنتجات.

وبالتالي، كلما زاد وعي المؤسسات بهذه النطاقات، أصبح من السهل تحديد نقاط الهدر واتخاذ خطوات فعّالة للحد منها.

ثانيًا: لماذا تُعد البصمة الكربونية مشكلة عالمية؟

تتسبب البصمة الكربونية في العديد من الأضرار التي تمس الإنسان والبيئة والاقتصاد على حد سواء. ولأن هذه الانبعاثات تتراكم عامًا بعد عام، ولأن أثرها طويل المدى، فإن خطورتها تزداد بمرور الوقت.

1. التغير المناخي وارتفاع حرارة الأرض

مع ازدياد حبس الحرارة داخل الغلاف الجوي، ترتفع درجات الحرارة عالميًا. وبالرغم من أن بعض المناطق قد تشهد فترات باردة، إلا أن الاتجاه العام هو الاحترار العالمي الذي يؤدي إلى تغييرات مناخية كبيرة.
علاوة على ذلك، يؤدي ارتفاع الحرارة إلى ذوبان الجليد القطبي، وهو ما يساهم بدوره في ارتفاع مستوى البحار.

2. فقدان التنوع الحيوي

كلما زادت الحرارة، تغيرت الأنظمة البيئية؛ وبسبب ذلك، تهاجر بعض الكائنات أو تنقرض كليًا. ومن ثم يحدث اضطراب في التوازن البيئي الذي تعتمد عليه البشرية في الغذاء والدواء والمواد الخام.

3. زيادة الكوارث الطبيعية

تشهد الأرض اليوم عواصف أكثر حدة، وسيولًا أكثر تواترًا، وموجات جفاف أطول. وعلى الرغم من اختلاف هذه الكوارث من منطقة لأخرى، إلا أنها مرتبطة جميعًا بارتفاع الانبعاثات.

4. التأثير على مصادر المياه

يؤدي تغير المناخ إلى اضطراب توزيع الأمطار، مما يؤدي إلى نقص المياه في بعض المناطق، وزيادة الفيضانات في مناطق أخرى.

5. التأثير الاقتصادي العالمي

بسبب التغيرات المناخية، تتأثر الزراعة، والصناعة، والسياحة، والبنية التحتية. وبالتالي، ترتفع التكاليف وتزيد المخاطر المرتبطة بسلاسل الإمداد.

6. ازدياد الأمراض المرتبطة بالمناخ

بسبب الحرارة المرتفعة، تنتقل الأمراض بشكل أسرع كما تزداد مسببات الحساسية. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي تلوث الهواء الناتج عن الانبعاثات إلى زيادة الأمراض التنفسية.

ثالثًا: كيف يمكن الحد من البصمة الكربونية؟

على الرغم من أن المشكلة عالمية، إلا أن الحل يبدأ من كل فرد ومؤسسة. ولذلك، تتعدد طرق الحد من البصمة الكربونية لتشمل الممارسات اليومية، والتقنيات الحديثة، وإدارة الموارد.

1. التحول نحو الطاقة المتجددة

يُعد هذا الخيار من أكثر الخيارات فعالية، لأن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لا تنتج عنها غازات دفيئة خلال التشغيل. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الاستثمار في هذه المصادر على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

2. رفع كفاءة استهلاك الطاقة

يمكن خفض الانبعاثات بشكل كبير من خلال:

• استخدام المصابيح الموفرة للطاقة

• تحديث الأجهزة القديمة

• استخدام أنظمة إدارة الطاقة

• العزل الحراري للمباني

ومن ناحية أخرى، يؤدي تحسين كفاءة الطاقة إلى خفض التكاليف التشغيلية.

3. النقل المستدام

يمثل قطاع النقل أحد أكبر مصادر الانبعاثات في العالم. ولذلك، فإن تشجيع السير على الأقدام، واستخدام الدراجات، والاعتماد على السيارات الكهربائية، واستخدام النقل الجماعي، كلها خطوات تسهم في خفض الانبعاثات.

بالإضافة إلى ذلك، يساعد تقليل الرحلات التجارية غير الضرورية واستخدام الاجتماعات الافتراضية في خفض الانبعاثات بشكل كبير.

4. إدارة النفايات بشكل مستدام

تشكل النفايات مصدرًا مباشرًا للميثان عند تحللها. ولذلك، فإن إعادة التدوير، والحد من النفايات، وتحويل العضويات إلى سماد طبيعي، كلها ممارسات تخفض البصمة الكربونية.

5. الزراعة المستدامة والحد من هدر الغذاء

بسبب أن الغذاء المهدور ينتج عنه انبعاثات خلال الإنتاج والنقل والمعالجة، فإن تقليل الهدر خطوة فعّالة جدًا. علاوة على ذلك، يؤدي استخدام ممارسات زراعية أكثر استدامة إلى حماية التربة وتحسين جودة المحاصيل.

6. التحول إلى المنتجات الصديقة للبيئة

عندما يختار المستهلك منتجات مستدامة، فإنه يساهم في خفض الانبعاثات عبر سلسلة التوريد. ولذلك، فإن دعم العلامات التجارية التي تعتمد ممارسات خضراء يعد جزءًا من الحل.

7. زراعة المزيد من الأشجار

تمتص الأشجار ثاني أكسيد الكربون من الهواء. وبالتالي، فإن برامج التشجير تعد خطوة أساسية في مكافحة التغير المناخي.

8. التوعية والتعليم

كلما زاد وعي المجتمع بأهمية البصمة الكربونية، ارتفعت نسبة الممارسات السليمة. وعلى الرغم من أن السياسات الحكومية مهمة، إلا أن دور الفرد لا يقل أهمية.

رابعًا: شهادة الأيزو للبصمة الكربونية (ISO 14064)

ما هي شهادة الأيزو؟

تقدم منظمة ISO معيار ISO 14064 الذي يسمح للمؤسسات بقياس الانبعاثات بدقة، وتوثيقها، وإعداد خطط للحفاظ على البيئة. ومن خلال هذا المعيار، تستطيع المؤسسة إنشاء نظام بيئي يتسم بالشفافية والدقة.

فوائد الحصول على شهادة ISO 14064

1. تحسين الصورة الذهنية للمؤسسة

عندما تحصل المؤسسة على الشهادة، فإن ذلك يعكس التزامها بالاستدامة. وبما أن العملاء اليوم أصبحوا أكثر وعيًا، فإنهم يفضلون الشركات التي تتعامل بمسؤولية.

2. امتلاك ميزة تنافسية

تتطلب الأسواق العالمية حاليًا التزام المؤسسات بالمعايير البيئية. ومن ثم، يزيد حصول المؤسسة على الشهادة من فرص توسعها في الأسواق العالمية.

3. الامتثال للأنظمة والقوانين

نظرًا لأن العديد من الحكومات بدأت في تطبيق تشريعات بيئية صارمة، فإن الشهادة تساعد المؤسسة في تجنب المخالفات.

4. خفض التكاليف التشغيلية

كلما كانت المؤسسة قادرة على قياس انبعاثاتها بدقة، تمكنت من اتخاذ قرارات استراتيجية تقلل من استهلاك الطاقة.

5. تحسين سلسلة الإمداد

يساعد المعيار الشركات على تطوير علاقاتها مع الموردين، لأن الموردين الذين يمتلكون بصمة كربونية منخفضة يكونون مرغوبين أكثر.

6. دعم أهداف التنمية المستدامة

تتوافق الشهادة مع أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف السابع والثالث عشر، مما يضيف بُعدًا عالميًا لأنشطة المؤسسة.

7. تعزيز ثقة المستثمرين

نظرًا لأن المستثمرين يبحثون عن مؤسسات مستدامة، فإن الشهادة ترفع من جاذبية الشركة.

خطوات الحصول على شهادة ISO 14064

1. قياس الانبعاثات

تبدأ المؤسسة بحصر مصادر الانبعاثات عبر النطاقات الثلاثة.

2. إعداد استراتيجية للتقليل

بعد القياس، يتم وضع خطة تتضمن أهدافًا دقيقة.

3. تطبيق الإجراءات

يتضمن ذلك تحديث المعدات، والتحول للطاقة المتجددة، وزيادة كفاءة الطاقة.

4. إعداد التقارير

يجب توثيق جميع البيانات وفقًا لمتطلبات المعيار.

5. تدقيق خارجي

تقوم جهة معتمدة بمراجعة جميع البيانات للتحقق من توافق المؤسسة.

6. الحصول على الشهادة

بعد اجتياز التدقيق، تحصل المؤسسة على الشهادة.

ابدأ رحلتك البيئية الآن مع Reins

إذا كانت مؤسستك ترغب في قياس البصمة الكربونية، أو الحصول على شهادة ISO 14064، أو تطوير استراتيجية استدامة شاملة، فإن
Reins
توفر لك حلولًا احترافية مصممة وفق أعلى المعايير الدولية.

✨ ابدأ الآن، واطلب استشارتك ودع Reins تقود مؤسستك نحو مستقبل أكثر استدامة.